" فكر قبل أن تعمل "،
تأمل الوالي العبارة طويلًا ، ثم التفت إلى
الرجل وقال " بكم تبيع هذه اللوحة ؟ "
قال الرجل بهدوء " عشرة آلاف دينار فقط "،
ضحك الوالي طويلاً حتى اغر ورقت عيناه ، وبقي الشيخ ساكنًا كأنه لم يقل شيئاً ،
وظل ينظر إلى اللوحة باعتزاز ،
قال الوالي " عشرة آلاف دينار ! هل أنت
جاد ؟ "،
قال الشيخ " ولا نقاش في الثمن ."
لم يجد الوالي في إصرار العجوز إلا ما يدعو
للضحك والعجب وخمّن في نفسه أن هذا العجوز مختل في عقله ، فظلّ يسايره وأخذ يساومه
على الثمن ، فأوحى إليه أنه سيدفع في هذه اللوحة ألف دينار والرجل يرفض ، فزاد
ألفًا ثم ثالثة ورابعة حتى وصل إلى التسعة آلاف دينار والعجوز ما زال مصرًا على
كلمته التي قالها ، ضحك الوالي وقرر الانصراف ، وهو يتوقع أن العجوز سيناديه إذا
انصرف ، ولكنه لاحظ أن العجوز لم يكترث لانصرافه ، وعاد إلى كرسيه المتهالك فجلس
عليه بهدوء .
وفيما كان الوالي يتجول في السوق فكّر ، لقد
كان ينوي أن يفعل شيئاً لا تأباه المروءة ، فتذكّر تلك الحكمة
" فكّر قبل أن تعمل "
فتراجع عما كان ينوي القيام به ووجد انشراحًا
لذلك ! وأخذ يفكّر وأدرك أنه انتفع بتلك الحكمة ، ثم فكّر فعلم أن هناك أشياء
كثيرة قد تفسد عليه حياته لو أنه قام بها من دون أن يفكّر ! ومن هنا وجد نفسه
يهرول باحثًا عن دكان العجوز في لهفة ، ولما وقف عليه قال
" لقد قرّرت أن أشتري هذه اللوحة بالثمن
الذي تحدّده ".
لم يبتسم العجوز ونهض من على كرسيه بكل هدوء ،
وأمسك بخرقة ونفض بقية الغبار عن اللوحة ، ثم ناولها للوالي ، واستلم المبلغ
كاملاً ، وقبل أن ينصرف الوالي قال له الشيخ
" بعتك هذه اللوحة بشرط "،
قال الوالي " وما هو الشرط ؟ "،
قال " أن تكتب هذه الحكمة على باب بيتك
وعلى أكثر الأماكن في البيت ، وحتى على أدواتك التي تحتاجها عند الضرورة ".
فكّر الوالي قليلاً ثم قال " موافق ! "
وذهب إلى قصره وأمر بكتابة هذه الحكمة في أماكن
كثيرة في القصر حتى على بعض ملابسه وملابس نسائه والكثير من أداواته " وتوالت
الأيام وتبعتها شهور .
وحدث ذات يوم أن قرّر قائد الجند أن يقتل
الوالي لينفرد بالولاية واتفق مع حلّاقه الخاص ، أغراه بألوان من الإغراء حتى وافق
أن يكون في صفه .
ولمّا توجه الحلّاق إلى القصر أدركه الارتباك ، إذ كيف سيقتل الوالي ، إنها مهمّة صعبة وخطيرة
وقد يفشل ويطير رأسه .
ولما وصل إلى البوابة رأى مكتوبًا عليها
" فكّر قبل أن تعمل "
وازداد ارتباكًا وانتفض جسده وداخله الخوف
ولكنه جمع نفسه ودخل وفي الممر الطويل ورأى العبارة ذاتها تتكرّر عدّة مرّات هنا
وهناك وحتى حين قرّر أن يطأطئ رأسه فلا ينظر إلا أرضًا ، رأى على البساط نفس
العبارة تخرق عينيه ..!!
وزاد اضطرابًا وقلقًا وخوفًا ، فأسرع يمدّ
خطواته ليدخل إلى الحجرة الكبيرة ، وهناك رأى نفس العبارة تقابله وجهًا لوجه ،
فانتفض جسده من جديد وشعر أن العبارة ترن في أذنيه بقوة لها صدى شديد !
وعندما دخل الوالي هاله أن يرى أن الثوب الذي
يلبسه مكتوبًا عليه أيضًا تلك العبارة فشعر أنه المقصود بها ، بل داخله شعور بأن
الوالي ربما يعرف ما خطّط له !!
وحين أتى الخادم بصندوق الحلاقة الخاص بالوالي ،
أفزعه أن يقرأ على الصندوق نفس العبارة واضطربت يده وهو يفتح الصندوق ، وأخذ جبينه
يتصبب عرقًا ، وبطرف عينه نظر إلى الوالي الجالس فرآه مبتسمًا هادئًا مما زاد في
اضطرابه وقلقه ..!
فلما هَمّ بوضع رغوة الصابون لاحظ الوالي ارتعاشه
يده فأخذ يراقبه بحذر شديد ، وتوجس ، وأراد الحلاق أن يتفادى نظرات الوالي إليه ،
فصرف نظره إلى الحائط ، فرأى اللوحة منتصبة أمامه
" فكر قبل أن تعمل " ..!!
فوجد نفسه يسقط منهارًا بين يدي الوالي وهو
يبكي منتحبًا ، وشرح له تفاصيل المؤامرة !!
وذكر له أثر هذه الحكمة التي كان يراها في كل
مكان ، مما جعله يعترف بما كان سيقوم به !!
ونهض الوالي وأمر بالقبض على قائد الحرس
وأعوانه ، وعفا عن الحلاق ..
وقف الوالي أمام تلك اللوحة يمسح عنها ما سقط
عليها من غبار ، وينظر إليها بزهو ، وفرح وانشراح ، فاشتاق لمكافأة ذلك العجوز ،
وشراء حكمة أخرى منه !!
لكنه حين ذهب
إلى السوق وجد الدكان مغلقاً ، وأخبره الناس أن العجوز قد مات !!
" حكمة جميلة "
ههههه والله ياحبـ❤ـيبي انت
" فكر قبل ان تعمل "
يا حبيــ❤ــبتي
لو أن أحدنا كتب
عبارة
'' الله يراك ..
الله ينظر إليك .. الله قريب منك .. يسمعك ويحصي عليك ''،
في عدة أماكن من
البيت ، على شاشة الكمبيوتر وعلى طاولة المكتب وفوق التلفاز ، وفي مقر عمله ،
لاستقرت في عقله الباطن ، وتردد صداها في عقله وقلبه ، حيثما حملته قدماه ، رآها
تواجهه .. وأنه ، سبحانه وتعالى ، يعلم الجهر وما يخفى ، وأحسب أن شيئا مثل هذا لو
نجح أحدنا فيه ، سيجد له أثراً بالغاً في حياته واستقامة سلوكه ، وانضباطاً في
جوارحه ، وسيغدو مباركاً حيثما كان .
#الزيبق
محمود عبدالله حريز - By / Mahmoud Hereez
تعليقات
إرسال تعليق